أكدت رئيس مؤسسة حيدرة للسلام والتنمية الإنسانية
الناشطة الحقوقية سهير عبد الرحمن المعيضي: إن الظروف
الراهنة التي يعيشها الشعب اليمني، وضعت الجميع حكومة وقطاعاً خاصاً ومنظمات مدنية ومغتربين ونشطاء وكل فئات المجتمع، أمام امتحان صعب، ومسؤولية تاريخية تجاه الشعب اليمني.. داعية الجميع إلى مزيد من التعاون والتكافل والشراكة المجتمعية في سبيل تخفيف معاناة وأوجاع ملايين المواطنين جراء تفاقم الأوضاع المعيشية الناجمة عن الصراعات وسنوات الحرب، بمزيد من البذل والعطاء والأعمال الخيرية والمساعدات الإنسانية.. وشددت على ضرورة تكريس ثقافة العمل الطوعي والمبادرات الذاتية والمجتمعية لإحداث تأثير تنموي وتوعوي تجاه مجابهة مخاطر الأوبئة وعلى رأسها الكوليرا المعروف بتاريخه الأسود في حصاد البشرية. موضحة إن مؤسسة حيدرة للسلام والتنمية الإنسانية مؤسسة غير ربحية تأسست في إبريل 2017م، لتحقيق الإغاثة الهادفة والتنمية المستدامة لشرائح المجتمع خاصة المتضررين من الحرب والأكثر احتياجا.. وتطرقت لمجمل القضايا ذات الصلة بالعمل المدني والخيري والانساني، والتحديات والمعوقات التي تواجه منظمات المجتمع المدني ومدى التنسيق بينها والجهات الرسمية وغيرها من القضايا… في هذا اللقاء:
>مشروع المخبز الخيري في صنعاء خطوة في تحقيق الأمن الغذائي لـ500 أسرة معدمة تضم 3500 إنسان
> يواجه اليمن حربا وحصارا ظالمين وتداعياتهما كارثية تخالف الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية
> الجهات المعنية تبذل جهوداً طيبة في تسهيل عمل المنظمات المدنية ونأمل مضاعفة جهودها
> نعمل وفق مسارين تنموي مستدام وخيري اغاثي تقتضيه ظروف البلد الصعبة
> نفذنا ( 25 ) مشروعا تنمويا و إغاثيا استفادت منها ( 19000) أسرة فقيرة ونازحة
> وباء الكوليرا يهدد 27 مليون يمني بالموت والمنظمات المدنية والجهات الرسمية > مطالبة بالشراكة أكثر من أي وقت مضى
لقاء/ محمد إبراهيم
* بداية.. واليمن يدخل العام الخامس في مواجهة الحرب البربرية والحصار الجائر.. ما خلاصة قراءتكم للأوضاع الانسانية؟
– بداية نشكر صحيفة الثورة على دورها الإعلامي المساند لمنظمات المجتمع المدني في مسار عملها الإنساني والإغاثي والتنموي في هذه الظروف الصعبة.. وبالذهاب إلى سؤالكم.. لا أعتقد ان بإمكاننا الإلمام بكل تفاصيل وتداعيات الوضع الإنساني الكارثي -بكل ما للكلمة من معنى- الذي تعيشه اليمن، في لقاء.. فالكارثة جاوزت حد الخطر وطالت كل مناحي الحياة ..ابتداء من عشرات الآلاف من المدنيين الذين قضوا في هذه الحرب المستمرة في حصد الأرواح ،إلى جانب من يموتون يوميا من المرضى لتوقف الكثير من المرافق الصحية عن العمل وانعدام الأدوية والمحاليل الطبية الخاصة بالأمراض المزمنة والخطيرة وعجز آلاف المرضى عن السفر لتلقي العلاج في الخارج فضلا عن الأرقام المخيفة لضحايا الأوبئة التي تجتاح اليمن وأبرزها الكوليرا التي تفتك بالإنسان اليمني بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ ..أضف إلى ذلك ضحايا الحصار من الجياع الذين عجزوا عن تأمين القوت الضروري وهم بالملايين، وغير ذلك من مظاهر البؤس والنزوح والدمار التي نلاحظها يومياً وقد أشارت إليها تقارير المنظمات الحقوقية الأممية والدولية، ووصفت الوضع في اليمن بأنه الأسوأ على مستوى العالم، من حيث القتل والحصار والتدمير لمقومات البنية التحتية والموارد الأساسية والذي يتنافى مع الأعراف الإنسانية والقوانين الدولية.
* خلال هذه السنوات من القصف الهمجي من طيران تحالف العدوان.. ما المشاهد الأشد ألماً ولا يمكن لها مغادرة الذاكرة.. ؟
– مظاهر الموت والمعاناة التي يكابدها الإنسان اليمني جراء هذه الحرب والحصار الظالمين لا يمكن لها أن تغادر الذاكرة الجمعية والفردية للشعب اليمني.. وبحكم قُرْبَنا من المواطنين، فقد عايشنا الكثير من قصص الألم اليومي لكثير من الأسر التي تواجه مخاطر الموت القادم من الجو ومن الأرض ومن كل اتجاه فمن لم يقتل بالحرب سيموت بالمرض أو الجوع محاصرا داخل وطنه.. رأينا عددا كبيرا من الأسر في العراء بعد أن دمر القصف منازلها ونزحت من قراها بحثا عن الأمان.. ناهيك عن الفقراء الذين زادتهم سنوات الحرب فقرا، والكثير الكثير من المآسي التي لا يمكن سردها في سطور بقدر ما نحتاج الى العديد من الكتب لتدوينها والحديث عنها.
* في المقابل ما دور المؤسسة حيال هذه المآسي وما الذي أنجزته؟
– مؤسسة حيدة للسلام والتنمية الإنسانية مؤسسة تنموية خيرية إنسانية، وغير ربحية، انبثقت فكرة انشائها من منطلق إصرارنا على المساهمة في تحمل المسؤولية الدينية والاخلاقية والوطنية تجاه شعبنا في هذه الظروف الصعبة، وفق عمل مؤسسي وقانوني مصرح له عبر أجهزة الدولة المعنية.. وإنه لمن دواعي الإنصاف في هذا المقام، الإشارة إلى دور الأمين العام للمؤسسة الأستاذ سعيد حيدرة في تحويل هذه الفكرة إلى واقع ملموس بحكم إيمانه بأهمية العمل الإنساني، وتجربته الواسعة في المجال التنموي والانتاجي إلى جانب طموحنا وقناعاتنا بأهمية المؤسسة وتحقيق أهدافها التنموية، وفي مقدمتها تعزيز مجالات بناء الإنسان خصوصا الفئات المهمشة والأسر الأكثر فقرا وتضررا من الحرب عبر تنمية المهارات ودعمها وتطويرها وتسخيرها لخدمة المجتمع، وتبني المشاريع الصغيرة وضمان استمرارها، ورفع المستوى التعليمي والمهني للمرأة اليمنية.. وغيرها من الأهداف الإنسانية التي تتضاعف أهميتها في ظل ظروف البلد المشار إليها سابقا.. والتي من أهمها: مساعدة المنكوبين من الحروب والكوارث الطبيعية، والإسهام في مكافحة الاوبئة وتحسين الصحة العامة، واجراء المسوحات الميدانية لرصد وحصر المشكلات ووضع الحلول المناسبة إضافة إلى الأهداف المقرونة بمبادئ وقيم انسانية تتمثل في إشاعة مبادئ الشفافية وحقوق الانسان، وتكريس ثقافة الشراكة المجتمعية عبر التنسيق مع المؤسسات المحلية والدولية النظيرة التي تلتقي توجهاتها مع أهداف المؤسسة.
* كانت هذه الخطط قبل التأسيس ومباشرة العمل الميداني.. فكيف وجدت مؤسسة حيدرة ميدان العمل خصوصا وثمة من ينتقد المنظمات وتحولها من الأعمال التنموية إلى الجانب الإغاثي فقط.؟
– ليس خافي على أحد الظروف المؤسفة التي تعيشها اليمن والوضع الكارثي جراء الصراعات والحروب والحصار، كوضع حتمي دفع المؤسسات الرسمية والمنظمات المدنية إلى تغيير أولوياتها إلى الأهم فالأهم، وكانت مهمة إنقاذ الناس والتخفيف من وطأة التداعيات القاسية على الأسر والشرائح الاكثر تضررا من الحرب والحصار وللعام الخامس على التوالي، هي الركيزة الأولى لعمل جميع المؤسسات رسمية ومدنية.
وتبعاً لذلك فقد وجدت المؤسسة نفسها أمام تحديات كبيرة ليس من اليسير تجاوزها دون عزيمة عالية في مواءمة خططها مع حجم الإمكانيات، وطبيعة الظروف والأوضاع المؤسفة والكارثية الماثلة، ما جعل المؤسسة تعيد النظر في ترتيب أولوياتها وأنشطتها وبما يعزز وجودها ودورها في خدمة المجتمع وضرورياته الملحة.. وتماشيا مع هذه الضرورات نجحت مؤسسة حيدرة للسلام والتنمية الإنسانية في التوفيق بين المسار التنموي المستدام كضرورة حتمية يقتضييها الحاضر والمستقبل، والمسار الإغاثي والخيري والإنساني، كضرورة ملحة تفرضها ظروف البلد الاستثنائية.. كما عملت مؤسسة حيدرة على تطوير الأفكار والمشاريع الإغاثية إلى مشاريع مستمرة..
* ما شواهد هذا التوفيق على الأرض..؟
– إن مؤسسة حيدرة وجدت لتلبي احتياجات الإنسان اليمني في ظروف السلم وفي المحن أيضاً، عبر سلسلة من الأعمال والرؤى التنموية والتعليمية والتدريبية والتأهيلية لكل من تصل إليه من أفراد المجتمع الذي نشأت فيه وبحيادية تامة. هو المعني الحقيقي بتحويل بعض المشاريع الخيرية والإغاثية إلى مشاريع مستمرة مدعومة ذاتيا من قبل المؤسسة، لكن الأهم هنا الإشارة إلى بعض المشاريع الخيرية التي أعنيها كمشروع المخبز الخيري في صنعاء الذي يعد خطوة ريادية في مجال الأمن الغذائي وتوفير رغيف الخبز للفقراء والمحتاجين، وقد أطلقته مؤسسة حيدرة ليساهم في تأمين الرغيف لأكثر من 500 أسرة معدمة بواقع 3500 شخص يوميا. وقد شارك في انجاح هذه المبادرة مؤسسة الرحمة العالمية ببريطانيا، وبواقع 50 % من تكلفة تجهيزات المشروع بينما تكفلت حيدرة باستكمال انشاء المشروع علي نفقتها الخاصة حيث افتتح في 11/ 11/ 2018 بمرحلته الأولى والتي كانت تؤمن الخبز اليومي لـ200 أسرة بواقع 1700 شخص بشكل يومي، وفي منتصف فبراير 2019، دشنت المؤسسة بالشراكة مع منظمة الأيادي النقية المرحلة الثانية من مراحل المشروع وبلغ عدد الأسر المستفيدة من المشروع في المرحلة الثانية 500 أسرة، يليها مراحل أخرى قادمة ستستوعب أعداد إضافية من العائلات الفقيرة، وكذا وإنشاء مخابز أخرى ان شاء الله.. إضافة إلى ذلك عملت وتعمل المؤسسة على انجاز مشاريع تنموية ذات أبعاد مستدامة من حيث اكساب الشباب والفتيات المهارات والمهن، عبر أقسام المؤسسة المهنية، من أهمها: معمل خياطة متكامل بكافة التجهيزات، ومرسم متكامل بكافة التجهيزات، ومعمل معجنات ، وقاعة تدريب وتأهيل بأحدث التجهيزات الفنية والتقنية.. وهذه المقومات العملية، شكلت إلى جانب إرادة وعزم كادر المؤسسة أهم مرتكزات الإنجاز إغاثيا واجتماعياً، وتوعويا وصحياً وتعليمياً وتطويراً مستمراً.
* ماذا حققت المؤسسة منذ التأسيس على الصعيد التنموي.. ؟! وما الآليات المتبعة في سير العمل التنفيذي..؟
– حققنا منذ انطلاق أعمال المؤسسة نحو (25) مشروعا تنموياً توزعت بين التدريب والتأهيل والتعليم والخياطة والتوعية الصحية والتمكين الاقتصادي كما تم تنفيذ عدد من مشاريع الإغاثة العاجلة توزعت ما بين كسوة العيد والمخبز الخيري والسلال الغذائية وتأمين المأوى والفرش والبطانيات والملابس الشتوية للفقراء والنازحين ..
وتنفذ هذه المشاريع والأعمال والأنشطة وفق آلية واضحة وشفافة في العمل والاستهداف، والتوزيع، وخطط التنفيذ الواقعية في الميدان، حتى أصبح إسهامها واضحاً في عملية البناء والتنمية وصناعة الوعي المجتمعي، ووصلت خدماتها ومشاريعها إلى آلاف الأسر الفقيرة والمحتاجة في عدد من محافظات ومديريات اليمن.
* ماذا عن الجانب التمويلي..؟ وما واقع الشراكة اليوم مع المنظمات الأخرى..؟
– من المهم الإشارة هنا والتأكيد على أن المؤسسة بدأت مشاريعها بدعم وتمويل ذاتي، لم تتلق دعما من أحد.. عملت المؤسسة بفريق عمل متمكن ومحترف استطاع بجهوده وإيمانه بالعمل الإنساني والطوعي والمبادراتي أن يحقق ما أشرنا إليه من انجازات ومشاريع.. و في ظل ظروف استثنائية.. ومع تزايد المشاريع وخبرة المؤسسة اقتضت الحاجة إلى العمل في مشاريع معينة تحتاج إلى الشراكة مع المنظمات الأخرى وبفضل الله حققت المؤسسة نجاحات نفتخر بها..
* ما هي الشراكات التي حققتها المؤسسة في العمل الإغاثي.. ؟
– هناك عدد من الشراكات التي نسجتها المؤسسة سواء على الصعيد اليمني في الداخل والخارجي، حيث نفذنا مشاريع اغاثية وانسانية وخيرية بالشراكة مع منظمة الأيادي النقية التي كان لها دور بارز في الشراكة معنا لتنفيذ مشاريع إغاثية وتنموية كما أنشأنا المخبز الخيري بالشراكة مع مؤسسة الرحمة العالمية ولنا علاقات ببعض رجال الخير في اليمن أبرزهم الشيخ دغسان أحمد دغسان الذي كان له الإسهام الكبير في دعم المخبز الخيري في مرحلته الثانية واستمراره حتى اللحظة.. أما الشراكة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني فهي قائمة وضرورية ..فمن دون تلك الشراكة لن تتحقق الأهداف المرسومة والتي تصب في مصلحة الشرائح الاجتماعية الأكثر تضررا جراء الظروف التي تعصف في البلد..
* كيف تنظرين إلى واقع الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمغتربين تجاه العمل الاغاثي والخيري في ظل هذه الظروف الاستثنائية.. ؟
# لقد وضعت الظروف الراهنة الذي يعيشها الشعب اليمني، الجميع حكومة وقطاع خاص ومنظمات مدنية ومغتربين وكل فئات المجتمع، أمام امتحان صعب، ومسؤولية تاريخية، وإذا لم نؤد أدوارنا الاجتماعية والإنسانية كما ينبغي تجاه وطننا وشعبنا فمتى سنؤديها ومتى سنترجم الشعارات إلى واقع.. وزيادة على ذلك فإني أدعو الجميع إلى مزيد من التعاون والتكافل والشراكة المجتمعية في سبيل تخفيف مكابدات ومعاناة المواطنين جراء الأوضاع المعيشية الصعبة بمزيد من البذل والعطاء والأعمال الخيرية والمساعدات الإنسانية، كما أدعو الجميع للعمل على تكريس ثقافة العمل الطوعي والمبادرات الذاتية والمجتمعية.
* ما هي التحديات والمعوقات التي تواجه المؤسسة ؟! وماذا عن دور الجهات المعنية بالعمل المدني والانساني؟
– هناك تحديات كبيرة تواجه منظمات المجتمع المدني في ظل هذه الأوضاع الكارثية وهي محدودية امكاناتها مقارنة بالواقع، حيث تتسع الكارثة يوما بعد يوم، وما كان يحتاجه اليمنيون قبل شهر تضاعف اليوم وسيتضاعف غدا خصوصا مع انتشار الأوبئة واستمرار الحرب والحصار، كما أن هناك تحديات أمنية ومخاطر تواجه كوادرنا في الميدان نظرا لأسباب الحرب.
الجهات المختصة والمعنيون بالعمل المدني يبذلون جهودا طيبة في سبيل تذليل الصعاب أمام المنظمات، ولكن نتمنى مضاعفة الجهود باتجاه تسهيل وتسريع إجراءات تنفيذ المشاريع الإنسانية وتقديم بعض العون لتلك الجهات الخيرية لتؤدي رسالتها وتحقق أهدافها بإزالة العراقيل التي قد تصادف أعمالها احيانا.
* ما هي الرسالة التي تودون قولها في نهاية هذا اللقاء؟
– الرسالة الأخيرة ، هي أن اليمن تقف اليوم على شفا كارثة صحية كبرى، هي وباء الكوليرا المعروف بتاريخه الأسود في حصاد البشرية- والذي بات يهدد اليوم حياة 27 مليون يمني، وستمتد الكارثة إلى دول الجوار، مالم يعمل الجميع جهات رسمية ومنظمات مدنية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، والأمم المتحدة على الضغط باتجاه إيقاف الحرب ورفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي وبقية الموانئ و المطارات اليمنية وتطبيع الأوضاع والعمل على استئناف صرف المرتبات وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا البلد المعطاء فالشعب اليمني شعب أصيل وعريق ويستحق كل الخير.